فى ذاك الزمان الغابر , ذكر ارثر ابراهام حنوت كبير كهنة الثالوث , ان ما تفعلهُ غانية واحدةافظع وانجح من مائة جندى ..
عندما اجتاحت فلول الجيش الروماني مملكة اليهود في ذلك الوقت , ودمر الهيكل ووضع النسر مع الصليب في كل مكان , معبرا عن غلبة الرومانيين , وذل الشعب تحت وطأة العدو الخارجي والخونة من أبناء بلدته , وتفشى الفساد حتى وصل الى رجال الدين والكهنة, في هذه الفترة خشي نبي الله " زكريا " على ضياع الدين بعد أن رأى أنه وهن واشتعل رأسه شيبا ولم ير في مواليه من يصلح أن يحافظ على هذا الدين من بعده , لذا نادى ربه نداء خفيا يبثه خوفا على الدين ويرجو منه أن يرزقه ولدا من صلبه صالحا يقتدى به في احياء الدين , لانه لم ير في عصبته واخوته وبني عمه شرار بني اسرائيل من يستطيع فعل ذلك لذا خافهم على الدين أن يغيروه ويبدلوه كما قال ذلك " الزمخشري " في " الكشاف "
استجاب الله لدعاء زكريا ورزقه بغلام اسمه " يحيى " . شب على تعاليم الدين القويم وحافظ عليه, وفي هذه الفترة من الزمن وتحت حكم الرومان تحالف " هيرودس الاكبر " احد ملوك بني اسرائيل مع الذي راهن على نجاح الرومان ضد الفرس فكافئوه بتعيينه ملكا على فلسطين من 37-4 قبل الميلاد, فكان هذا الملك غير محبوب من قبل شعبه ولا محترما من عرضه الهيكل لأنه رغم اعتناقه اليهودية الا انه لم يكن من اسباط بني اسرائيل فضلا على انه نشر الثقافة اليونانية بما فيها من مسارح وتماثيل وقصور واحتفالات واعياد ومراقص ومهرجانات , وبعد وفاة الملك " هيرودس الاكبر" قسمت المملكة بين ابنائه الثلاثة فأخذ فيليب مشارف الشام وأخذ هيرودس الثاني منطقة الجليل , اما اركلوس فقد حكم اليهودية التي تضم اورشليم المقدسة , وقصة مقتل سيدنا "يحيى"
نجدها مذكورة بتفاصيلها في كتاب " سمير الهضيبي " " لوحات من اورشليم " .
وقد اعتمد هذا الكتاب للوقوف على اسماء المجرمين وشخصياتهم من خلال
هذا الكتاب وكذلك من كتيب صادر بالفرنسية تحت عنوان " على خطى عيسى "
أما كتاب قصص الانبياء لابن كثير فالمعلومات فيه مقتضبة نوعا ما كما انه يشير
الى عدد من الروايات حول مقتل " يحيى " عليه السلام .. حيث تتفق كل الروايات
على وجود امراة مشاركة او محرضة على ارتكاب هذه الجريمة .
سافر "هيرودس " الى روما ليناقش بعض المسائل التي تخص مملكته والجالية اليهودية
هناك, فالتقى أثناء عودته بأخيه " فيليبس ", وزوجته هيروديا وابنتهما سالومي ...
واعجب هيرودس بهيروديا ووقعت في قلبه كما مالت هي الاخرى اليه واثرت
الابتعاد بابنتها عن زوجها لتعود مع هيرودس الى " طبرية " عاصمة مملكته
التي اطلق عليها هذا الاسم تملقا للامبراطور الروماني انذاك " طيبا روس "
وهكذا انتزع هيرودس زوجة أخيه منه , بعد أن رفض أن يطلقها , وعاد
بها الى قصره لينغمس معها في لذة اثمة , وسار هذا الخبر بين الناس فتداولوه
غاضبين من انتهاك الشريعة وغضبت هيروديا ايضا من هذه الاقوال , فكانت
تصل الى اقصى درجات الغضب والثورة وهي تسمع هذا الكلام وتلح على الملك
أن يتصرف, وتحت سطوة تأثيرها بعث الملك هيرودس الى رئيس الكهنة " قيافا "
ليتم زواجهما , وعندما صادفت هيروديا الكاهن ينتظر اذن الملك أسرعت اليه وأمرت
بالحزامة هو ومعاونيه ثم دخلت على الملك تستحثه في سرعة الاذن للكاهن وتلمح أن
مماطلته وتركه لهم ينتظرون في الخارج رغبة في التملص من الزواج منها.
عندما وقف الكاهن بين يدي الملك وقفت هيروديا خلف الأبواب تستمع الى الحديث
وسرها نجاح هيرودس في المساومة التي تمت بينه وبين قيافا رئيس الكهنة, وأفتى
له بامكانية زواجه من هيروديا طالما أن زوجها كان مجنونا وقد شهد بذلك مجموعة
من الأطباء الأمر الذي يخول لها أن تبين من زوجها ويحول لها أن تتزوج غيره, هذا
ما نجده في المرجع الفرنسي وكذلك في " لوحات من نهاية اورشليم " . لكن ابن كثير
يورد خبرا يختلف في بعض التفاصيل حيث أن هيروديا هذه كانت منذ البداية زوجة لهيرودس,
وطلقها ثلاثا وأراد مرجعتها فقال له يحيى أنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك, فحقدت عليه فأمرت بقتله .
وعندما نتابع تفاصيل الرواية الاخرى نجد أن يحيى قد علم برغبة هيرودس في الزواج من هيروديا وقال بعدم جواز ذلك, لكن اصحابه وافوه وهو في البرية عند نهر الأردن يعمد التائبين منتظرا ظهور المسيح وممهدا الطريق أمامه بأن هيرودس قد تزوج هيروديا وأقام احتفالا صغيرا في القصر ثم انتقل بها الى قلعة ماكيروس حيث اقيمت الاحتفالات المتواصلة.
بعد أن اطمأن يحيى على ظهور المسيح عيسى بن مريم ابن خالته تركه ليذهب الى هيرودس وهو ساخط على كل من الكهنة وحفظة الوصايا والناموس والقديسين المتشدقين بطهارة البيوت والملابس وكل الغيورين على الدين.
غادر يحيى الصحراء والشمس المحرقة ليأتي لمواجهة الملك, ويقول كلمة الحق في حضوره ودون
خوف أو وجل وتناهي الى اذن الملك أن " يحيى المعمدان " يقصده فأعطى الأوامر أن لا يدخل
القصر وأن لا يصل قوله هيروديا المجنونة التي ستضرم النيران حولهم جميعا لو علمت أن
" المعمدان "يقول: أن زواجها من الملك باطل.
لكن " يحيى أويوحنا المعمدان " الرجل القوي البنية الجهوري الصوت وقف خارج القصر,
يعلن موقفه من انتهاك قانون الرب, وتناهى قوله الى كل من في القصر وثارت ثورة هيروديا
وأقبلت على هيرودس تحثه على اسكاته أو حتى قتله.
غضب الملك من تصرف المعمدان, فاذا كان هذا الرجل لا يحب الكهنة, وكذلك هيروديا والكثيرين ,
الا انه بينه وبين نفسه يدرك انه نبي صادق ليس له مطمع في متع الدنيا ولذا لا يمكن شراء صمته
بأي شكل من الأشكال فهو لا يأكل طعاما كالذي يأكله الاخرون بل يقتات من عشب الأرض ولا
يلمس اللحوم أبدا ولا يأكل غير الجراد , ويرد الماء مع الوحوش مبتعدا من ملاذ الدنيا حتى
لا يكون عبدا لها, يدعو الناس الى العودة الى الناموس واتباع النبي المنتظر وينذر بالشؤم
خلال ملك اسرائيل, لكن عزو الملك جعلت هيرودس يقول مهما كان من أمر هذا النبي
فلا يجوز له التطاول على الملك , وأمر جنده فاقتادوه اليه .
أقبل يحيى يقذف كلماته في وجه هيرودس على مسمع من الجند والحاشية وسالومي ابنه
هيروديا وأحد الأمراء المعجبين والمغرمين بهذه الفتاة اللعوب اسمه سالوي , ودافع هيرودس
عن زواجه بأنه كان بمباركة الكهنة وأن زوجته قد طلقت من زوجها لكن يحيى النبي أدرك من
قبل عدم صحة هذه الرواية, واستمر في قوله أن كل لقاء بينكما هو زنا وخطيئة, وبعد أن يئس
هيرودس منه أمر بالقائه في السجن, واقترب ذلك الأمير الفاسق لسالومي يشتم يحيى فرد عليه ردا زاده حقدا عليه.
وبينما الجند يقودون يحيى الى قلعة مايكرا او البرج الاسود , كان قلب هيرودس يمتلئ خوفا
ورعبا وأمر بكؤوس الخمر لعله يستعيد رباطة جأشه وتهدأ نفسه.
واعتصم أتباع يحيى لكن لم يستطيعوا فعل شيء, وبعد سنة تقريبا من هذا الحادث كان احتقال
هيرودس بعيد ميلاده وامتلأ قصره بالمدعوين من الرومان واليهود والأجانب, ونالوا من متع
الدنيا الدنيا الكثير في تلك الساعات ومن شرفة القصر كانوا يطلون على المعمدان وهو قابع في
سجنه يصلي ويقرأ الوصايا وهم يضحكون ويتغامزون وأبصرت سالومي صورة يحيى فطاف
خيالها بعيدا وتأملت بنية جسمه فتمنته, وخالطتها الرغبة بالانتقام لأمها التي أغضبها وأذلها
هذا الرجل... فسعت الى الخدم تأمرهم بأن يهيئوا غرفة بأحسن فرش وأن توقد فيها الأنوار
ويوضع فيها الأكل والشراب. في هذا الوقت كان المعمدان يستقبل زائرا عزيزا على نفسه كان
ذلك عيسى بن مريم ابن خالته ونبي الله الله المرسل الى بني اسرائيل ... وتكلم عيسى مع يحيى كثيرا موصيا له بالصبر والجلد مذكرا اياه بما لاقاه الأنبياء من تكذيب وتقتيل على يد الكفرة الفجرة وسعد يحيى بهذه الزيارة التي أعقبها زيارة الجند يقودونه الى الغرفة الخاصة التي أمرت سالومي باعدادها وارتاب يحيى في الامر وظن أن الملك يريد أن يصالحه لكن دخول سالومي اليه أكد أن له أن شيئا من هذا لن يحدث .. وارتمت اللعوب على الأرض كأنها أفعى تبعث فحيحها في وجهه وتمارس اغراءها عليه لكن يحيى كما وصفه القران " سيدا وحصورا " ليس له طمع في مثل
هذه اللذات وعندا رفضها لاعنا اياها سخطت كل السخط وعادت الى الجموع وهم يحتفلون واخبرت والدتها بما حدث ..
نصحتها والدتها بأن تقوم الى الرقص أمام الملك فهو يحب الرقص كثيرا وهي أحسن من تجيده واذا
طلب منها أن تتمنى عليه أي شيء فلا تذكر غير رأس يوحنا المعمدان ... وفعلت سالومي ما نصحتها به أمها ورقصت فشدت انتباه الجميع وقام الملك سعيدا عندما توقفت قائلا لها : ارقصي أيضا. واطلبي ما شئت فاني مانحه لك ... ونظرت سالومي الى امها فشجعتها على الاعراب عن طلبها رأس يحيى على طبق من ذهب .
ذهل الملك عندما سمع هذا القول وأدرك ما مدى خطورة ذلك .. لكن الجموع التي حوله والوضع الذي كان عليه جعله يستهين بالعواقب... فأعطى الاشارة الى اتمام ذلك, وسارع الامير عاشق سالومي ليعود بعد برهة ورأس المعمدان على طبق من ذهب ودمه في طست وعيونه مفتوحة. وأبصر الجميع ما حدث وذهلوا لفترة لكن النفوس الشريرة استمرت في الشرب والرقص والغناء وكأن شيئا لم يكن ..
لكن عقاب الله كان بالمرصاد. وانتقم الله لمقتل يحيى بموت الالاف من الكفرة الفجرة المارقين
عن الدين , وغضب عيسى لمقتل يحيى فغضب الله لغضبه فأهلك منهم الكثيرون وفرض عليهم
الذلة والمسكنة وبما ان التاريخ حفظ قصة مقتل يحيى بن زكريا عليه السلام فلابد أن نحفظ
أيضا أن الذلة ستبقى تلاحق المجرمين طوال حياتهم الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
استجاب الله لدعاء زكريا ورزقه بغلام اسمه " يحيى " . شب على تعاليم الدين القويم وحافظ عليه, وفي هذه الفترة من الزمن وتحت حكم الرومان تحالف " هيرودس الاكبر " احد ملوك بني اسرائيل مع الذي راهن على نجاح الرومان ضد الفرس فكافئوه بتعيينه ملكا على فلسطين من 37-4 قبل الميلاد, فكان هذا الملك غير محبوب من قبل شعبه ولا محترما من عرضه الهيكل لأنه رغم اعتناقه اليهودية الا انه لم يكن من اسباط بني اسرائيل فضلا على انه نشر الثقافة اليونانية بما فيها من مسارح وتماثيل وقصور واحتفالات واعياد ومراقص ومهرجانات , وبعد وفاة الملك " هيرودس الاكبر" قسمت المملكة بين ابنائه الثلاثة فأخذ فيليب مشارف الشام وأخذ هيرودس الثاني منطقة الجليل , اما اركلوس فقد حكم اليهودية التي تضم اورشليم المقدسة , وقصة مقتل سيدنا "يحيى"
نجدها مذكورة بتفاصيلها في كتاب " سمير الهضيبي " " لوحات من اورشليم " .
وقد اعتمد هذا الكتاب للوقوف على اسماء المجرمين وشخصياتهم من خلال
هذا الكتاب وكذلك من كتيب صادر بالفرنسية تحت عنوان " على خطى عيسى "
أما كتاب قصص الانبياء لابن كثير فالمعلومات فيه مقتضبة نوعا ما كما انه يشير
الى عدد من الروايات حول مقتل " يحيى " عليه السلام .. حيث تتفق كل الروايات
على وجود امراة مشاركة او محرضة على ارتكاب هذه الجريمة .
سافر "هيرودس " الى روما ليناقش بعض المسائل التي تخص مملكته والجالية اليهودية
هناك, فالتقى أثناء عودته بأخيه " فيليبس ", وزوجته هيروديا وابنتهما سالومي ...
واعجب هيرودس بهيروديا ووقعت في قلبه كما مالت هي الاخرى اليه واثرت
الابتعاد بابنتها عن زوجها لتعود مع هيرودس الى " طبرية " عاصمة مملكته
التي اطلق عليها هذا الاسم تملقا للامبراطور الروماني انذاك " طيبا روس "
وهكذا انتزع هيرودس زوجة أخيه منه , بعد أن رفض أن يطلقها , وعاد
بها الى قصره لينغمس معها في لذة اثمة , وسار هذا الخبر بين الناس فتداولوه
غاضبين من انتهاك الشريعة وغضبت هيروديا ايضا من هذه الاقوال , فكانت
تصل الى اقصى درجات الغضب والثورة وهي تسمع هذا الكلام وتلح على الملك
أن يتصرف, وتحت سطوة تأثيرها بعث الملك هيرودس الى رئيس الكهنة " قيافا "
ليتم زواجهما , وعندما صادفت هيروديا الكاهن ينتظر اذن الملك أسرعت اليه وأمرت
بالحزامة هو ومعاونيه ثم دخلت على الملك تستحثه في سرعة الاذن للكاهن وتلمح أن
مماطلته وتركه لهم ينتظرون في الخارج رغبة في التملص من الزواج منها.
عندما وقف الكاهن بين يدي الملك وقفت هيروديا خلف الأبواب تستمع الى الحديث
وسرها نجاح هيرودس في المساومة التي تمت بينه وبين قيافا رئيس الكهنة, وأفتى
له بامكانية زواجه من هيروديا طالما أن زوجها كان مجنونا وقد شهد بذلك مجموعة
من الأطباء الأمر الذي يخول لها أن تبين من زوجها ويحول لها أن تتزوج غيره, هذا
ما نجده في المرجع الفرنسي وكذلك في " لوحات من نهاية اورشليم " . لكن ابن كثير
يورد خبرا يختلف في بعض التفاصيل حيث أن هيروديا هذه كانت منذ البداية زوجة لهيرودس,
وطلقها ثلاثا وأراد مرجعتها فقال له يحيى أنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك, فحقدت عليه فأمرت بقتله .
وعندما نتابع تفاصيل الرواية الاخرى نجد أن يحيى قد علم برغبة هيرودس في الزواج من هيروديا وقال بعدم جواز ذلك, لكن اصحابه وافوه وهو في البرية عند نهر الأردن يعمد التائبين منتظرا ظهور المسيح وممهدا الطريق أمامه بأن هيرودس قد تزوج هيروديا وأقام احتفالا صغيرا في القصر ثم انتقل بها الى قلعة ماكيروس حيث اقيمت الاحتفالات المتواصلة.
بعد أن اطمأن يحيى على ظهور المسيح عيسى بن مريم ابن خالته تركه ليذهب الى هيرودس وهو ساخط على كل من الكهنة وحفظة الوصايا والناموس والقديسين المتشدقين بطهارة البيوت والملابس وكل الغيورين على الدين.
غادر يحيى الصحراء والشمس المحرقة ليأتي لمواجهة الملك, ويقول كلمة الحق في حضوره ودون
خوف أو وجل وتناهي الى اذن الملك أن " يحيى المعمدان " يقصده فأعطى الأوامر أن لا يدخل
القصر وأن لا يصل قوله هيروديا المجنونة التي ستضرم النيران حولهم جميعا لو علمت أن
" المعمدان "يقول: أن زواجها من الملك باطل.
لكن " يحيى أويوحنا المعمدان " الرجل القوي البنية الجهوري الصوت وقف خارج القصر,
يعلن موقفه من انتهاك قانون الرب, وتناهى قوله الى كل من في القصر وثارت ثورة هيروديا
وأقبلت على هيرودس تحثه على اسكاته أو حتى قتله.
غضب الملك من تصرف المعمدان, فاذا كان هذا الرجل لا يحب الكهنة, وكذلك هيروديا والكثيرين ,
الا انه بينه وبين نفسه يدرك انه نبي صادق ليس له مطمع في متع الدنيا ولذا لا يمكن شراء صمته
بأي شكل من الأشكال فهو لا يأكل طعاما كالذي يأكله الاخرون بل يقتات من عشب الأرض ولا
يلمس اللحوم أبدا ولا يأكل غير الجراد , ويرد الماء مع الوحوش مبتعدا من ملاذ الدنيا حتى
لا يكون عبدا لها, يدعو الناس الى العودة الى الناموس واتباع النبي المنتظر وينذر بالشؤم
خلال ملك اسرائيل, لكن عزو الملك جعلت هيرودس يقول مهما كان من أمر هذا النبي
فلا يجوز له التطاول على الملك , وأمر جنده فاقتادوه اليه .
أقبل يحيى يقذف كلماته في وجه هيرودس على مسمع من الجند والحاشية وسالومي ابنه
هيروديا وأحد الأمراء المعجبين والمغرمين بهذه الفتاة اللعوب اسمه سالوي , ودافع هيرودس
عن زواجه بأنه كان بمباركة الكهنة وأن زوجته قد طلقت من زوجها لكن يحيى النبي أدرك من
قبل عدم صحة هذه الرواية, واستمر في قوله أن كل لقاء بينكما هو زنا وخطيئة, وبعد أن يئس
هيرودس منه أمر بالقائه في السجن, واقترب ذلك الأمير الفاسق لسالومي يشتم يحيى فرد عليه ردا زاده حقدا عليه.
وبينما الجند يقودون يحيى الى قلعة مايكرا او البرج الاسود , كان قلب هيرودس يمتلئ خوفا
ورعبا وأمر بكؤوس الخمر لعله يستعيد رباطة جأشه وتهدأ نفسه.
واعتصم أتباع يحيى لكن لم يستطيعوا فعل شيء, وبعد سنة تقريبا من هذا الحادث كان احتقال
هيرودس بعيد ميلاده وامتلأ قصره بالمدعوين من الرومان واليهود والأجانب, ونالوا من متع
الدنيا الدنيا الكثير في تلك الساعات ومن شرفة القصر كانوا يطلون على المعمدان وهو قابع في
سجنه يصلي ويقرأ الوصايا وهم يضحكون ويتغامزون وأبصرت سالومي صورة يحيى فطاف
خيالها بعيدا وتأملت بنية جسمه فتمنته, وخالطتها الرغبة بالانتقام لأمها التي أغضبها وأذلها
هذا الرجل... فسعت الى الخدم تأمرهم بأن يهيئوا غرفة بأحسن فرش وأن توقد فيها الأنوار
ويوضع فيها الأكل والشراب. في هذا الوقت كان المعمدان يستقبل زائرا عزيزا على نفسه كان
ذلك عيسى بن مريم ابن خالته ونبي الله الله المرسل الى بني اسرائيل ... وتكلم عيسى مع يحيى كثيرا موصيا له بالصبر والجلد مذكرا اياه بما لاقاه الأنبياء من تكذيب وتقتيل على يد الكفرة الفجرة وسعد يحيى بهذه الزيارة التي أعقبها زيارة الجند يقودونه الى الغرفة الخاصة التي أمرت سالومي باعدادها وارتاب يحيى في الامر وظن أن الملك يريد أن يصالحه لكن دخول سالومي اليه أكد أن له أن شيئا من هذا لن يحدث .. وارتمت اللعوب على الأرض كأنها أفعى تبعث فحيحها في وجهه وتمارس اغراءها عليه لكن يحيى كما وصفه القران " سيدا وحصورا " ليس له طمع في مثل
هذه اللذات وعندا رفضها لاعنا اياها سخطت كل السخط وعادت الى الجموع وهم يحتفلون واخبرت والدتها بما حدث ..
نصحتها والدتها بأن تقوم الى الرقص أمام الملك فهو يحب الرقص كثيرا وهي أحسن من تجيده واذا
طلب منها أن تتمنى عليه أي شيء فلا تذكر غير رأس يوحنا المعمدان ... وفعلت سالومي ما نصحتها به أمها ورقصت فشدت انتباه الجميع وقام الملك سعيدا عندما توقفت قائلا لها : ارقصي أيضا. واطلبي ما شئت فاني مانحه لك ... ونظرت سالومي الى امها فشجعتها على الاعراب عن طلبها رأس يحيى على طبق من ذهب .
ذهل الملك عندما سمع هذا القول وأدرك ما مدى خطورة ذلك .. لكن الجموع التي حوله والوضع الذي كان عليه جعله يستهين بالعواقب... فأعطى الاشارة الى اتمام ذلك, وسارع الامير عاشق سالومي ليعود بعد برهة ورأس المعمدان على طبق من ذهب ودمه في طست وعيونه مفتوحة. وأبصر الجميع ما حدث وذهلوا لفترة لكن النفوس الشريرة استمرت في الشرب والرقص والغناء وكأن شيئا لم يكن ..
لكن عقاب الله كان بالمرصاد. وانتقم الله لمقتل يحيى بموت الالاف من الكفرة الفجرة المارقين
عن الدين , وغضب عيسى لمقتل يحيى فغضب الله لغضبه فأهلك منهم الكثيرون وفرض عليهم
الذلة والمسكنة وبما ان التاريخ حفظ قصة مقتل يحيى بن زكريا عليه السلام فلابد أن نحفظ
أيضا أن الذلة ستبقى تلاحق المجرمين طوال حياتهم الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
0 comments:
Post a Comment